غالبا ما يُنظر إلى المستنقعات على أنها أراضٍ مقفرة، ومع ذلك فهي بيئات غنية تزخر بالحياة وتتلاشى بسرعة. وفي جميع أنحاء العالم، تختفي الأراضي الرطبة (المستنقعات) بمعدل أسرع ثلاث مرات من الغابات بسبب تغير المناخ والآثار الجانبية للتنمية الحديثة. والتغير الذي يطرأ على المستنقعات لا يهدد النباتات والحيوانات فحسب، بل أيضاً الأشخاص الذين يعتبرون الأراضي الرطبة موطناً لهم. فوق شريط رملي من الجانب الكيني لبحيرة فيكتوريا، يقع مستنقع «يالا»، وهو أكبر مستنقع للمياه العذبة في البلاد، ويقطنه نصف مليون شخص.
ومنذ فترة طويلة، تسكن هذه المنطقة قبيلة «لو»، وهي واحدة من عشرات المجموعات العرقية في كينيا، والتي تعيش في هذه المنطقة على صيد الأسماك وحصاد قصب البردي لنسج السلال وتوفير وقود الطهي، وممارسة الطقوس الدينية عند القبور المنتشرة في الأراضي الرطبة.
ومنذ منتصف القرن العشرين، خضعت بحيرة فيكتوريا لتغييرات إيكولوجية جذرية. وأدى إدخال الفرخ النيلي (البياض –نوع سمك) وورد النيل، وكلاهما من الأنواع الغازية، إلى انخفاض أعداد الأسماك المحلية. وقد أسهمت هذه الآثار، إلى جانب الصيد المكثف والتجفيف من أجل الزراعة، في انقراض أكثر من 200 نوع. وفي الوقت نفسه، أدى الارتفاع في معدلات الزراعة والصناعة والتنمية الحضرية إلى فرط المغذيات وزيادة الكتلة الحيوية والطحالب التي تعمل على تقليل الأكسجين من المياه وتسريع التعرية.
وفي وقت مبكر من استقلال كينيا في عام 1963، عملت الحكومة على استعادة مستنقع «يالا» وتحويل أنهاره للاستخدام الزراعي. وتسببت السدود والخزانات في نزوح القرويين، وانتشرت النزاعات حول استخدام الأراضي. وينظر المسؤولون إلى الأراضي الرطبة على أنها أرض صالحة للتنمية، بينما يرى دعاة الحفاظ على البيئة أنها موطن للنباتات والحيوانات الفريدة التي تدعم ثقافات المجتمعات وسبل عيشها.
ومنذ مارس عام 2020، أصبحت الفيضانات تحدث بصورة ثابتة. وتسببت المياه المتدفقة في إغلاق المدارس وتشتت العائلات، حيث بدأ الناس يبحثون ما إذا كان ينبغي عليهم مغادرة المكان. وبالنسبة للكثيرين من قبيلة «لو»، يعتبر مستنقع «يالا» مصدراً للهوية وتقديساً للأسلاف.
ويقول «جوردون أوما»، وهو صياد كبير السن في «مادوا»: «إلى أين نذهب؟ ليس لدينا مدخرات، لا شيء لدينا مطلقاً.. كل ما نعرفه موجود هنا».
لقد دفع التدهور البيئي الحكومة الكينية إلى الإعلان عن سياسة جديدة للأراضي الرطبة هذا العام، معترفةً بدور هذه الأراضي الحيوي بالنسبة للبيئة. وفي غضون ذلك تظل رسالة السكان: سنواصل حياتنا طالما كان ذلك في الإمكان.*

صحفية وخبيرة بيئية أميركية 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»